لم تعد ساحة الإرهاب مقتصرة على تنظيم أو حركة معينة بذاتها، بل أصبحت مرتعا للعديد من التنظيمات متعددة التوجهات كل منها يهدف إلى تصدر المشهد، إلا أن المنافسة احتدمت مؤخرا بين تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة في سباق على القتل والإرهاب الخاسر الأكبر فيه هم المدنيون.
وانضمت جماعات إرهابية جديدة لتنظيم "داعش"، الذي أعلن عن "كيانه" في 2013، في إفريقيا وآسيا وأعلنت ولاءها له. ويتسم نشاط "داعش" براديكالية أكثر من "القاعدة" وأصبح يجتذب إليه عددا أكبر من المتشددين. لكن عواقب تمدد "داعش" على حساب القاعدة عمقت مأساة المدنيين في أنحاء العالم.
وكان لداعش صلات وثيقة مع تنظيم القاعدة حتى فبراير عام 2014، وبعد صراع طويل على السلطة استمر لمدة ثمانية أشهر، قطع تنظيم القاعدة كل العلاقات مع جماعة داعش، واعتبرت القاعدة داعش تنظيما "وحشيا".
وأعلنت جماعات "إرهابية" في عدة بلدان ولاءها لتنظيم "داعش" وبيعتها لخليفته أبو بكر البغدادي. وفي شرق ليبيا قرر "تنظيم أنصار الشريعة" المنضوي في مجلس شورى شباب درنة إعلان منطقة درنة الساحلية إقليما تابعا للتنظيم.
وبايع متشددون من مصر واليمن والسعودية والجزائر "داعش" أيضا. وبذلك بدأ تنظيم القاعدة يفقد تدريجيا الهيمنة والقيادة الأيديولوجية بين المتطرفين.
واستطاع داعش أن يجند تحت رايته مجموعة "أنصار بيت المقدس" في شبه جزيرة سيناء ومجموعة "جند الخلافة" في الجزائر، والتي قتلت أحد الرهائن الفرنسيين في سبتمبر الماضي.
في المقابل انضم إلى تنظيم القاعدة عدة مجموعات، كتنظيم "القاعدة في شمال المغرب" وتنظيم "القاعدة في شبه الجزيرة العربية"، وكذلك حركة الشباب الصومالية التي أعلنت ولاءها لقائد تنظيم القاعدة أيمن الظواهري.
وكان محور خلاف أعضاء التنظيمين الإرهابيين على مدى التأثير والهيمنة على الحركات المتطرفة العالمية، وعلى التمويل وعلى إمكانية كسب مسلحين جدد، وأيضا المكانة والهيبة بين صفوف المليشيات المتشددة.
سباق الهجمات الإرهابية
ضربت القاعدة الجمعة ضربتها تذكيرا بحضورها في بوركينا فاسو، من خلال هجوم مروع على فندق فخم في العاصمة راح ضحيته 23 قتيلا بينهم 4 من المهاجمين.
وأعلنت "القاعدة في بلاد المغرب"، التابعة لتنظيم القاعدة مسؤوليتها عن الهجوم في وسط واغادوغو، على فندق سبلينديد الذي يضم 147 غرفة.
وفي 20 نوفمبر الماضي، اقتحم متشددان فندق راديسون بلو في العاصمة المالية باماكو، وأوقعا عشرين قتيلا، من جنسيات روسية وأميركية وصينية.
وكانت جماعة "المرابطين" قد أعلنت إلى جانب جماعة "القاعدة ببلاد المغرب" بشكل مشترك مسؤوليتهما عن الهجوم مثلما فعلت جبهة تحرير ماسينا .
وهاجم مسلحون متطرفون مبنى صحيفة شارلي إيبدو في باريس، في 7 يناير الماضي على خلفية نشرها رسوما كاريكاتورية للنبي محمد، وقتل في الهجوم الذي نفذه شقيقان، 12 شخصا غالبيتهم من الصحفيين، خلال اجتماع لمجلس تحرير الصحيفة.
وإجمالا، خلفت الهجمات في العاصمة الفرنسية، وتمت بالتنسيق مع شخص ثالث استهدف متجرا لبيع الأطعمة الخاصة باليهود، وشرطية، 17 قتيلا، قبل مقتل المسلحين في عمليات دهم للشرطة، وهو هجوم تبنته القاعدة أيضا.
في المقابل، نفذ تنظيم داعش العشرات من التفجيرات الانتحارية وبالسيارات المفخخة منذ بداية العام الجاري، سيما في العراق وسوريا واليمن وليبيا، وأسفرت عن مقتل المئات، كما شن عددا من الهجمات في السعودية، وكان آخرها الهجوم الإرهابي على وسط العاصمة جاكرتا الأسبوع الماضي، لقي خلاله 7 أشخاص مصرعهم، قرب منطقة تجارية مزدحمة.
غير أن أبرز ما قام به التنظيم المتشدد هو التفجيرات والهجمات في دول أخرى غير تلك التي ينشط فيها التنظيم، مثل تركيا ولبنان وتونس ومصر وفرنسا، والتي أسفرت عن مقتل المئات من جنسيات مختلفة.
وفي 18 من مارس، قام مسلحان على الأقل بالهجوم على متحف باردو في العاصمة التونسية ما أسفر عن مقتل 21 شخصا، وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن الهجوم.
وفي 26 يونيو، قتل 38 شخصا، معظمهم من السائحين البريطانيين في هجوم نفذه شخص واحد على منتجع في منتجع سوسة في تونس.
وفي 20 يوليو، فجر شخص نفسه وسط حشد من المتظاهرين في مدينة سروج بالقرب من الحدود التركية السورية، وأسفر التفجير عن مقتل 32 شخصا.
وكان شهر أكتوبر الأكثر دموية وعنفا في هجمات داعش، خارج نطاق سيطرته، ففي العاشر من أكتوبر، وقع انفجاران انتحاريان في أنقرة، ما أدى إلى مقتل 102 شخصا.
ومع نهاية الشهر، انفجرت طائرة روسية في سماء شبه جزيرة سيناء، بعد وقت قصير على إقلاعها من مطار منتجع شرم الشيخ، وكان على متنها 224 شخصا، وأعلن التنظيم مسؤوليته عن "إسقاط الطائرة".
كذلك كان شهر نوفمبر من بين الأكثر دموية على صعيد هجمات داعش الخارجية، ففي الثاني عشر من نوفمبر، وقع هجومان انتحاريان بفارق زمني بسيط في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله اللبناني، ونجم عن الهجومين اللذين أعلن داعش مسؤوليته عنهما مقتل 43 شخصا على الأقل.
ولا شك أن الهجوم الأعنف في نوفمبر، كان في باريس عندما نفذ التنظيم في الثالث عشر منه، عدة هجمات بشكل متزامن أدت إلى مقتل 132 شخصا.
Sky News