هذا ماحذرنا منه ، منذ البداية كان واضحاً أن الحكومة فقط أرخت رأسها للعاصفة التي سببها تصريح السيد وزير المالية برفع ( الدعم ) ، وكان واضحاً أن الحكومة تتعامل مع الشعب بعقلية ( دق الاضينة و اتعذر ليه ) ، رغم أنها لاتعتذر ، بعد تعثر سياسة رفع ( الدعم ) للمناهضة الواسعة التي وجدتها من كافة شرائح المجتمع ، لم يكن أمام الحكومة الا تقسيط زيادة الأسعار خاصة وأن مشروعها لإجازة قانون تركيز الأسعار لم تتم إجازته أو على الاقل لم يعلن عن إجازته ، ولذلك ينشأ التساؤل على أي تشريع أو قانون استندت الحكومة في قرارها (تحرير ) سعر الغاز بالزيادة بدلاً عن تخفيض سعره نظراً لإنهيار أسعار البترول والغاز في كل الدنيا حتى وصل الى ( 30 ) دولار للبرميل بعد ان كان (120 ) دولار للبرميل ، ففي الوقت الذي إنخفضت الأسعار العالمية بنسبة ( 400% ) ، زادت الأسعار محلياً بنسبة ( 200% ) ،
وتماشياً مع نظرية الحكومة وإتجاهاً لرفع الأسعار فالمتوقع أن تباغت الحكومة مواطنيها بزيادة أسعار المحروقات البترولية الأخرى رغم تراجع أسعارها عالمياً ،مع إستمرار ضغط أسعار البترول على الغاز ، لم يكن موفقاً أن تتسرع الحكومة في إعتماد تسعيرة جديدة للغاز، و وأسعار البترول توالي الإنخفاض يومياً ، وعلى الأقل فإن العقود الأجلة للغازحققت إنخفاضآ بلغ ( 40% ) وفقاً لمؤشر( UK,S National Balancing Point ) ، وذلك بمعيار ( المليون وحدة حرارية ) بسعر وصل الى أقل من ( 5 ) دولار ، وعلى ذلك فلا توجد مبررات إقتصادية لرفع أسعار الغاز سوى رغبة الحكومة في التربح من هذه السلعة الهامة ، وستمضي الى رفع (الدعم ) المزعوم عن بقية المحروقات والدواء والدقيق ،
وتأكيداً لهذا الاعتقاد فإن زحف زيادة الأسعار سيشمل كل السلع دون إستثناء ، سوى تم هذا بزيادة الرسم الإضافي في الجمارك أو الزيادة المباشرة تحت ذريعة رفع ( الدعم )، بهذا الحكومة تكون قد خالفت قرار البرلمان في إجازته للميزانية وقوانينها المصاحبة ، وبهذا الفهم فان الحكومة دستورياً ليس من حقها زيادة الأسعار دون الرجوع للبرلمان وتعديل بنود الموازنة ، و تحسبآ من اندلاع احتجاجات شبيه بما حدث فى سبتمبر 2013 م ، فان الحكومة احتاطت باتخاذ تدابير قانونية استباقية ، يؤكد هذا الزعم تمرير البرلمان السوداني الأسبوع الماضى تعديلات على المادة (182) من القانون الجنائي السوداني "إثارة الشغب" وبموجبها يمكن ايقاع عقوبة السجن على المشاركين في الاحتجاجات لمدة تصل إلى 5 سنوات حال ثبوت تورطهم في عمليات إتلاف جنائي
، عن هذه المخاوف عبّر النائب المستقل عبد الجليل عجبين عن خشيته من استخدام القانون لتمرير حزمة تدابير اقتصادية جديدة تشمل رفع الدعم الحكومي عن القمح والمحروقات ،النائب المستقل عجبين اشار إلى ان إيداع التعديل في البرلمان تم يوم 18 يناير وتداولته لجنة التشريع يوم 19 يناير، وأجيز في جلسة واحدة انعقدت يوم 21 يناير، وقال إن مراحل السمات العامة، والقراءات الأولى والثانية والأخيرة اكتملت جميعها خلال اقل من ساعة واحدة فى تعارض تام مع لائحة البرلمان ،وتساءل" إن لم يكن الأمر على هذا النحو فلماذا العجلة في تعديل وإجازة مادة مثيرة للجدل في فترة لا تتجاوز الساعة فقط"، الحكومة كانت على عجلة من امرها ، للحكومة مواقيتها و لله مواقيته ، يمهل و لا يهمل ،،
الراكوبة