يقود مواطنون سودانيون حملات سخط ومقاطعة واسعة لشركة (زين- سودان) للإتصالات بسبب ارتفاع أسعار باقات استخدام الإنترنيت التي أعلنتها الشركة مؤخرا، حيث تضاعفت الأسعار بنسبة (300٪) وأعلنت الشركة عدم تراجعها عن هذه الخطوة رغم إنسحاب آلاف المشتركين منها.
وأعلن العديدون تخليهم عن الشركة وانتقالهم لشركات أخرى منافسة ،مؤكدين أن الأسعار الجديدة التي أعلنتها (زين ) لا تُناسب ما يحصلون عليه من أجور.
وبحسب استطلاع أجرته شبكة (مدونون سودانيون بلاحدود) ،ضمن التقرير السنوي للإعلام الاجتماعي في السودان ،فقد أفاد معظم المشاركين بأن شبكة الانترنت سيئة في السودان وقال 39٪ إنها (جيدة ) و جاءت شركة (سوداني) كأفضل مخدّم انترنيت من حيث الأسعار بنسبة 37٪ و حلّت شركة (زين) كأسوأ مخدم انترنت ،من ناحية الأسعار،وذلك رغم أنّ التقرير صدر قبل الزيادات الأخيرة.
وقال الفاتح عروة، العضو المنتدب لشركة زين في السودان ـ في مؤتمر صحافي – ،إن الشركة لم تزد أسعارها، مفسرا ما حدث بأنه نقل لطريقة الإشتراك من نظام الاستخدام العادل إلى نظام (الكوتة)،وقطع عروة بعدم العدول عن هذا القرار ،مشيرا إلى حرية المستهلكين في الاستمرار أو إيقاف تعاملهم مع الشركة، وبرّر اتخاذهم لهذا القرار بالضغط الشديد على شبكة الانترنيت، مؤكّدا أن الوضع الجديد سيشهد تحسينات كبيرة في الشبكة.
ودعا خبير اقتصادي ـ بحسب وكالة الأنباء السودانية ـ إلى تحويل شركات الاتصالات العاملة في البلاد إلى شركات مساهمة عامة.
وأشار الدكتورهيثم محمد فتحي إلى ضرورة أن يعتمد الاقتصادعلى الشركات الكبيرة القابضة ذات المراكز المالية والإدارية الجبارة.
وأعلن ناشطون على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، أن حملة المقاطعة نجحت بشكل كبير ،وتم رصد سجل ـ يتزايد كل ساعة ـ لمواطنين يشاركون في هذه الحملة، ودعا الناشطون إلى استثمار ما وصفوه بالروح الإيجابية لمقاطعة سلع وخدمات أخرى حتى تهبط أسعارها.
ويتوقّع الصحافي توفيق البدري عكاشة، حدوث تراجع كبير في أعداد مستخدمي شبكة زين في الأيام المقبلة، مضيفا أن التحدي الأساسي الذي يواجه الشركات التي تنشط في تقديم الخدمات – خاصة في مجتمع سواده الأعظم من محدودي الدخل – هو تقديم خدمة جيدة بأسعار في متناول المستهلكين، لا سيما في وجود شركات منافسة كما هو الحال في السودان. ويرى أن المنافسة دفعت الكثيرين ،بمجرد إعلان الشركة عن زيادة سعر الانترنت، لأن يبحثوا عن الشركات البديلة، بل أن البعض ذهب إلى أكثر من ذلك باطلاق حملات لمقاطعة خدمات الشركة، تعويلا على النجاح الذي أصابته هذه الحملات فيما مضى في ضبط أسعار بعض السلع الاستهلاكية مثل اللحوم تحت شعار ( الغالي متروك ).
ويضيف البدري بأنّ حملات المقاطعة التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة هي ثقافة استدعتها الضائقة المعيشية التي تعاني منها الغالبية. ويلاحظ أنّ الحملة التي انطلقت لمقاطعة خدمات الشركة، غاب عنها إسناد الصحف اليومية،على خلاف حملات المقاطعة السابقة لسلع أخرى.
ويبرّر هذا الغياب بأن شركة زين و أخريات ،يمثلون المورد الاقتصادي الأكبر للصحف عبر بوابة الإعلان في ظل إضمحلال مقروئية الصحف بسبب الرقابة وتضييق الحريات، مضيفا أن ارتفاع تكلفة صناعة الصحافة في السودان بسبب الجبايات من قبل السلطات، يجعل التعويل على عائد التوزيع في تغطية مصروفات الصحف، ناهيك عن تحقيق ربح، أمرا مستحيلا.
وبحسب تقرير الإعلام الاجتماعي في السودان للعام 2015م والذي أصدرته قبل فترة قليلة (شبكة مدونون سودانيون بلا حدود) فقد شهد العامالماضي تراجعاٌ في جودة و سعر خدمات الانترنت و قطاع الاتصالات عموماٌ أرجع التقرير ذلك التراجع لتدهور الاحوال الاقتصادية ،لكن رغم ذلك رصدت الشبكة زيادة في عدد مستخدمي الانترنت في السودان عموماٌ و مواقع التواصل الاجتماعي على وجه الخصوص.
وجاء في التقرير أن خدمة الانترنت في السودان متاحة عن طريق شركات الهاتف المحمول (سوداني و زين و إم تي إن ) و شركات الهاتف الثابت (سوداتل و كنارتل)، وصل عدد مستخدمي الإنترنت حتى تشرين الثاني/نوفمبر 2015م إلى حوالي 11 مليون مستخدم.
ويعتمد مستخدمو الإنترنت في السودان على خدمات شركات الهواتف المحمولة بشكل واسع، بعد تراجع استخدام الهاتف الثابت وعدم امتلاك الغالبية ـ خاصة الشباب- لأجهزة كمبيوتر.
«القدس العربي»