تتساءلون عن (التريند) المسيطر والوسم صاحب الحضور الوافر من خلال مواقع التواصل الاجتماعي لأكثر من سبعين ساعة منصرمة؟ تكفيكم مسحة تجوال عابرة للنظر إلى الأعداد المهولة من الرسومات الكرتونية الساخرة، وأبيات الشعر المقفاة والكتابات التي تضج بالضجر، وتصوب الانتقادات العنيفة لشركة زين للاتصالات. ومنذ ثلاثة أيام، ثمة ما يشبه الحملة المضادة تنتظم وسائل التواصل الاجتماعي، بعد ما نفذت الشركة، ودون سابق إنذار، زيادات في خدمة الإنترنت وتحويل النظام إلى نظام الكوتات بدلا عن النظام القديم الذي كانت تنتهجه زين في تقديم خدمة الإنترنت، والذي يقضي بتقديم الخدمة بحسب السرعة والفترة الزمنية.ولعل الشركة لم تكن تضع في حسبانها أن تحولها المفاجئ في تقديم خدمة النت قد يواجه بهذا السيل الجارف من الانتقادات التي تصل إلى حد قيادة حملات المقاطعة المنتظمة في وسائل التواصل الاجتماعي. بينما يرى البعض أن تزامن ارتفاع تكلفة الخدمة مع قرار الحكومة والقاضي برفع الدعم عن سلعة الغاز ورفع أسعاره إلى ثلاثة أضعاف جعل من الهجوم على الشركة مكثفا.
وحتى الآن لم تخرج أصوات رسمية من الشركة لتضع تبريرا مقنعا لمشتركيها بالأسباب التي دعت إلى رفع أسعار خدمة النت والتي أصبح مشتركو الهواتف النقالة يعتمدون عليها بشكل رسمي في التواصل ومعرفة الأخبار فأضحت من الأهمية بمكان خاصة لدى شرائح مختلفة من فئات المجتمع التي تعتمد على الخدمة في إنجاز أعمالها. ومما لاشك فيه أن الارتفاع المفاجئ في أسعار الخدمة قد يؤثر عليهم بشكل أو بآخر مما يدفعهم إما للبقاء وتحمل ارتفاع تكاليف الأسعار أو الهجرة إلى الشركات الأخرى والتي نشط ناشطون في مواقع الفيس بوك والواتساب في الدعوة إلى الهجرة إليها للتمتع بخدمة النت والترويج لأسعارها عبر شعارات ورسومات والاستغناء عن شرائح شركة زين.
ولأن رد الفعل الرسمي يبدو منعدما حتى الآن فإن المعلومات المتوفرة قد تبدو نادرة في ظل احتمالية الوقوع في المحظور خاصة بعدما اتضح أن هناك خبرا مفبركا يتحرك ما بين الناشطين وينسب للعضو المنتدب لشركة زين بأنه لا تراجع عن أسعار الخدمة الجديدة، ولكن لاحقاً تم التوضيح أن الخبر غير صحيح، أيضا على مواقع التواصل.
وثمة خبر آخر يتحدث عن توقف 48 ألف شريحة عن العمل بعد مضي 36 ساعة على القرارات الجديدة، غير أن هذا الخبر ايضا اتضح عدم صحته وفقا للقانون المتبع في شركات الاتصالات والقاضي بعدم إحصاء الشرائح المتوقفة فعلا إلا بعد مضي ثلاثة أشهر من التوقف علاوة على أن الأجهزة الخاصة بهذه الإحصاءات لا تستطيع العمل على هذا النوع من الإحصاء إلا بعد مضي هذه الفترة.
وفي ظل هذه المعلومات والأخبار الملغومة تؤكد الهيئة القومية للاتصالات أن ما قامت به شركة زين هو ما يحدث في معظم بلدان العالم الأخرى في ما يتعلق بخدمة الإنترنت والذي يؤسس على نظام الكوتات لمعرفة الحاجة الحقيقية للمشتركين.
ويؤكد د. يحيى عبد الله المدير العام للهيئة القومية للاتصالات أن الشركات ملزمة بأخذ موافقة الهيئة على كل الخدمات والباقات الجديدة التي ترغب في تقديمها وقال عبد الله لـ(اليوم التالي) إن ما قامت به ليس بدعة سودانية وإنه من الحكمة أن يعلم كل شخص حاجته الحقيقية لاستخدام خدمة النت، مشير إلى أن الشركات حريصة على مشتركيها مبينا أن دواعي الباقة الجديدة التي قدمتها شركة زين تأتي بدعوى تحسين وتجويد الخدمة وقال إن ما يحدث الآن من حراك يعد طبيعيا لأن الأمر ما زال جديدا ويحتاج لفترة بعد ما يجربه المشتركون.
ويستبعد أن تكون الباقات الجديدة المقدمة من شركة زين مؤثرة بصورة سلبية على مشروع الحكومة الإلكترونية، لأن الاستخدام حينها سيكون بحسب السعة لكل مؤسسة مؤكدا أن ما يحدث هو خطوات لتحسين الخدمة وتوزيع عادل للمشتركين في ظل تكلفة تعمل شركات الاتصالات على توفيرها من خلال شراء سعات كبيرة يتم شرائها بالجملة وتوزيعها مبينا أن الاقتصاد يقوم على سياسة السوق الحر وفي ظل وجود شركات أخرى فإن الهيئة تدعم التنافس الحر بين الشركات..
علاقة شركات الاتصالات بالدولة تتعرض للمد والجزر، فشركات الاتصال تعد البقرة الحلوب التي تدر إيرادات الضرائب للدولة والتي تعوض به ما فقدته من عائدات نفطية ذهبت إبان انفصال جنوب السودان، ولعل ذلك ما يدفع الحكومة لأن تعمل على رفع الضرائب عليها في كل عام وفي موازنة العام الحالي أكد وزير المالية والاقتصاد بدر الدين محمود إقرار زيادة في ضريبة الدخل لشركات الاتصالات بنسبة تقدر بـ100% فبعد ما كانت هذه الضريبة 2.5% ارتفعت إلى 5% بعد أن وجه إليها اتهاما مبطنا بأنها تقف خلف زيادة أسعار الدولار في السوق الموازي وهو أمر سارعت الشركات إلى نفيه بعد ما كشفت أنها محرومة من أن تحول أرباحها إلى الخارج بسبب الشح الملازم للنقد الأجنبي رغم العوائد الكبيرة التي توفرها للدولة.
وتتعرض خدمة الإنترنت في الدولة إلى انتقادات عنيفة عقب ترديها في بعض الأحيان وقد وعدت شركة زين مشتركيها في وقت سابق بأن تشهد الخدمة تحسنا وفقا للمواقع الإلكترونية عقب إجراءات هندسية تعتزم الشركة إجراءها في الشبكة في كل أنحاء البلاد بعد ما تصاعدت شكاوى المشتركين من رداءة الخدمة وكان أن تدخلت تهاني عبد الله وزيرة الاتصال في وقت سابق من العام لاحتواء رداءة خدمة الإنترنت ووجهت شركة (زين) وفقا لموقع (الشروق نت) بأهمية تسريع العمل ومراعاة انسياب الخدمة بصورة سلسة ودون عوائق، ووقفت حينها على ملابسات انقطاع الخدمة من شركتي إم تي إن وسوداني.
اليوم التالي